فرع الهندسة الذي يهتم بالعلوم التي تخدم فن التصميم الميكانيكي وعمليات الإنتاج والتصنيع المختلفة، وكل ما يخدم ذلك في الأساس كالتخطيط والتصميم والتصنيع والتجميع والإختبار والفحص والتحليل والمعالجة والتطوير للحصول على أفضل قيمة مقابل أقل تكلفة، وهي تمسك هذه الشؤون من الجهة الاِقتصادية ومن جهة التنظيم الصناعي.

يعطى هذا التخصص الهندسي مسميات عدة كهندسة الدقة كما في اليابان وهندسة التصنيع أو الهندسة الصناعية كما في الولايات المتحدة.

أغلب التعريفات الرسمية للهندسة الصناعية تنص على أنها "المجال الهندسي الذي يهتم بإستخدام الرياضيات والعلوم المختلفة لتصميم ودراسة وتحليل وتطوير النظم التي تحتوي على آلات أو معدات ومواد وبشر بما يضمن أفضل أداء لهذه النظم وبأقل تكلفة ممكنة". هل هذا التعريف كافي لفهم طبيعة مهنة الهندسة الصناعية وما يميزها عن باقي المهن الهندسية؟ من يقرأ هذا التعريف سيقول لماذا أحتاج لمهندس صناعي للقيام بهذا؟ فالعديد من التخصصات الهندسية الأخرى الأكثر عراقة من الهندسة الصناعية مثل الهندسة الميكانيكية والكهربائية تقوم بالإهتمام بدراسة الآلات والمعدات، والعلوم الاقتصادية تهتم بالإستخدام الأمثل للموارد المادية البشرية، وعلوم النفس والإجتماع تهتم بالجانب الإنساني. فلماذا أحتاج إلى مهندس صناعي؟

ظهرت مهنة الهندسة الصناعية لتعبئة الفجوة بين هذه المجالات المختلفة. فلو نظرنا إلى التخصصات الهندسية المختلفة (والتي تعتبر علوم تطبيقية) سنجد أنها تهتم بجانب تصميم وعمل الآلات والمعدات دون أن تأخذ في إعتبارها طبيعة البشر الذين سيشغلون هذه المعدات وتكاليف تصنيعها وتشغيلها. وفي الجانب الآخر (العلوم الإنسانية: إقتصاد، إدارة. الخ) فإنها تهتم بتكاليف تشغيل المعدات والآلات وكيفية إستغلالها. الإستغلال الأمثل دون معرفة تقنية عن كيفية عملها ومما تتكون. ظهر المهندس الصناعي ليغطي هذه الفجوة بين العلوم الهندسية التطبيقية، وبين العلوم الإنسانية الإقتصادية والإجتماعية.

هندسة النظم

هندسة النظم Systems Engineering، هو حقل هندسي متداخل يُعنى بتطوير الوسائل والمنهجيات الضرورية لبناء منظومات ناجحة. والنظام أو المنظومة هو مجموعة من الكيانات أو العناصر المتفاعلة من أجل تحقيق هدف معين، وهي تشمل المواد والتجهيزات والبرمجيات والأفراد والمعلومات والتقانات والأمكنة والخدمات وغيرها من العناصر المساعدة. يُلاحظ من التعريف السابق أن العناصر الداخلة في تركيب منظومة ما يمكن أن تكون مادية مثل التجهيزات، ويمكن أن تكون مجردة مثل المعلومات والبرمجيات. ويكون الهدف واضحاً في المنظومات التي يخترعها الإنسان مثل السيارة والحاسوب والمصرف، ويكون أقل وضوحاً في المنظومات الطبيعية مثل: المنظومة الشمسية.

تاريخ هندسة النظم

كان المعماريون والمهندسون المدنيون قبل الحرب العالمية الثانية هم الذين يقومون بدور مهندسي النظم من خلال عملهم في المشروعات الإنشائية الضخمة مثل: الجسور والسدود وناطحات السحاب، وهناك مصممون آخرون كانوا يعملون في بناء المنظومات الضخمة مثل: منظومات السكك الحديدية وأساطيل النقل البحري، إلا أن أعمال هؤلاء المهندسين لم تكن تستند إلى أي نظرية أو علم يتعلق بهندسة النظم، ولم تتوافر لديهم إجراءات أو ممارسات مُعرّفة بدقة.

وقد لاحظ مديروا المشروعات وكبار المهندسين إبان الحرب العالمية الثانية أهمية إسناد مهمات تطوير منظومات جزئية من منظومات الطائرات مثل: منظومة الدفع، ومنظومة التوجيه، والهيكل، وغيرها إلى مهندسين متخصصين بكل نوع، كما لاحظوا أهمية هذا التوجه في إنقاص زمن التصميم ورفع وتيرة الإنتاج.

بدأ ظهور هندسة النظم فرعاً من فروع الهندسة في أواخر الخمسينيات من القرن الـ 20، وقد عزز من أهمية هذا الإختصاص الهندسي الجديد السباق المتسارع في برامج الفضاء وبرامج التسلح التي بدأت في تلك الفترة، وجرى التركيز على تطوير منظومات ذات وثوقية عالية ضمن أزمنة قصيرة نسبياً، مما إستدعى تطوير أدوات جديدة لإدارة مشروعات تعنى بتحسين أداء الأنظمة وإحترام الخطط الزمنية وضبط التكاليف.

من أشهر الأدوات التي نشأت في هذه الظروف هي تقنية مراجعة وتقويم البرامجPERT (Program Evaluation and Review Technique)التي تساعد على تخطيط المشروع وتقدير زمن إنجازه وخاصة إذا كان يتضمن عدة مسارات ومهام يجري تنفيذها على التوازي وأخرى يعتمد بعضها على بعض. وقد إنتقل الإهتمام بهندسة النظم إلى قطاع الأعمال، وكانت شركات الإتصالات من أولى الشركات التي إهتمت بتطبيق هندسة النظم في مشروعاتها.

يمكن تلخيص التحديات الأساسية التي يواجهها مديروا البرامج والمشروعات الهندسية الضخمة بضرورة إيجاد الأدوات الضرورية لضبط المواد الأولية ومتابعتها، والتحكم بإجراءات التصنيع وعملياته، ومتابعة عمليات التصميم والتصنيع والإختبار، وقد أتى إختصاص هندسة النظم إجابة مباشرة لمواجهة هذه التحديات وليشكل منهج تفكير مُعتمداً من قبل مديري المشروعات.

إجراءات هندسة النظم

يمكن تلخيص الخطوات الأساسية التي يقوم بها مهندس النظم بما يأتي:

  • تعريف أهداف المنظومة المعنية إعتماداً على حاجات المستخدم.
  • تحديد الوظائف، أو ما يسمى بالتحليل الوظيفي.
  • تحديد متطلبات الأداء.
  • تصميم المنظومة.
  • إنجاز المنظومة.
  • إختبار مدى تحقيق المنظومة لمتطلبات المستخدم.

ويُعدّ الفصل بين الوظائف التي يجب أن تحققها المنظومة (الإجابة على السؤال ماذا ستحقق المنظومة) وطريقة تحقيق هذه الوظائف (كيف تحقق المنظومة هذه الوظائف) من المهام الأساسية التي ينبغي على مهندس النظم القيام بها. تتضمن الإجابة على السؤال الأول تحديد قائمة المهام من دون الخوض في طريقة تحقيقها، في حين تجري الإجابة على السؤال الثاني في أثناء مراحل التصميم والتنفيذ.

الجامعات التركية المتميزة في مجال هندسة النظم والصناعة

  • جامعة يدي تبه
  • جامعة اسنيورت