كيف تختلف الدراسة الجامعية عن المرحلة الثانوية

عزيزي الطالب أنت الآن على وشك أن تبدأ عامك الدراسي الأول في الجامعة، وهي بالتأكيد فترة إنتقالية في حياتك من مرحلة إلى مرحلة أخرى مختلفة تماماً. بعض الإختلافات بين المرحلتين بسيط وسطحي، والبعض الآخر كبير وجوهري، لكنك في جميع الأحوال يجب أن تدرك جميع الإختلافات وأنت تقوم بخطوتك الأولى ناحية الدراسة الجامعيّة. فإدراكك لهذه الإختلافات من البداية، سوف يصنع فارقاً كبيراً في تعاملك مع المرحلة الجديدة، هذا الفارق سيؤثر في عقليتك بطريقة إيجابية، تجعلك على قدر من المعرفة لما يحدث معك، وبالتالي لا تُفاجأ بأي شيء بعد أن تبدأ في الدراسة.

شكل الدراسة

يختلف شكل الدراسة بين المرحلة الثانوية والجامعية، حيث يأتي الطالب من إعتياده على الدراسة في عدد قليل في الفصل الدراسي، إلى الدراسة في أعداد كبيرة جداً في المدرج، وقد يتجاوز العدد 100 فرد وضعفه أو أكثر في بعض الكليات. وبالتالي هذا الأمر يؤثر في طريقة التعامل مع المحتوى، فأثناء الثانوية يعتاد الطلاب في الأغلب على فكرة الإملاء، والتوقف لدى كل التفاصيل والسؤال عنها.

أما في الجامعة فدور الطالب يكون بحثياً أكثر، حيث يقوم بتسجيل الملاحظات من أحاديث المعلم، ويتعلم كيف ينظمها لاحقاً بنفسه، بشكل يساعده على المذاكرة منها بعد ذلك. فعلى عكس الثانوية التي يدرس فيها الطالب المنهج كاملاً مع المعلم، فإن الوضع في الكلية يختلف، فقد يحدث أن يجد الطالب نفسه مطالباً بفهم أجزاء كبيرة بمفرده، أو حتى يتطرق إليها المعلم لكن بصورة بسيطة، والطالب هو المسؤول عن التعمق في فهم هذه الجزئيات. وبالمناسبة، فإن المعلم يختلف إسمه من المرحلتين، فالطالب اعتاد أن يُنادي على معلمه بلقب "أستاذ" في المرحلة الثانوية، لكن في الكلية يتحول اللقب إلى "دكتور".

قواعد الدرجات والنجاح أو الرسوب

من الأشياء الهامة جداً في الفارق بين الثانوية والجامعة، هي القواعد الخاصة بالدرجات، ومسألة النجاح أو الرسوب في أي مادة، أو في العام الدراسي. فالطالب خلال المرحلة الثانوية يسعى إلى تحقيق الدرجات النهائية، دون أن يكون هناك أي مسميات خاصة بهذه الدرجات، فنقول أنه قد حصد نسبة معينة في هذه المادة.

أما في الكلية، فالتركيز الأساسي لا يكون على التعامل بالدرجات، بل يشيع دائماً على إستخدام التقديرات، والتي تشمل المسميات التالية على سبيل المثال: ضعيف جداً، ضعيف مقبول، جيد، جيد مرتفع، جيد جداً، جيد جداً مرتفع، إمتياز، وبالتالي نقول أن الشخص قد حصد تقديراً معين في هذه المادة. والسؤال كيف تحصد تقدير معين؟ مثلًا عندما نقول أن الشخص حقق تقدير "جيد جداً" فما الذي يعنيه ذلك؟

في الواقع، مسألة حساب التقديرات تختلف من كلية لأخرى، فمثلًا في بعض الكليات لكي تحصل على تقدير مقبول فإنّك بحاجة لإحراز نسبة 50 %، وفي جامعات أخرى لتحصل على نفس التقدير فإنك تحتاج إلى نسبة 60 %. وبالتالي من المهم من البداية أن تعرف النظام الذي تتبعه جامعتك، وهذا سوف يساعدك كثيراً في الدراسة وتحقيق التقديرات التي تريدها. أيضاً، في المرحلة الثانوية هناك درجة معينة يجب تحقيقها في كل مادة للنجاح، ولو قلّت الدرجة فإن الشخص يعد راسباً في المادة.

أما في الجامعة، فهناك بعض الكليّات التي تتبع مبدأ "درجات الرأفة"، حيث يوجد للطالب عدد من الدرجات التي يتم توزيعها للطالب، وهذه الدرجات أحياناً تمنعه عن الرسوب في مادة معينة، فبدلًا من أن يكون تقديره ضعيف يصبح مقبول.

الشيء الأخير إن نظام الدراسة في الكلية يختلف كذلك من مكان لآخر، فهناك نظام الدراسة التقليدي، وهناك من يتّبع نظام الساعات المعتمدة، وهذه الأنظمة تؤثر على كيفية دراستك، وعلى قواعد النجاح والرسوب. غالباً لن تجد من يخبرك كل هذه الأشياء في بداية الدراسة، إلّا لو كنت تعرفها مسبقاً من خلال تجارب من سبقوك. لذلك، كن حريصاً على أن تسأل عن كل هذه الأشياء، حتى لا تُفاجأ بأي شيء في منتصف الطريق.

الفرق المعنوي بين المرحلة الثانوية والجامعة

كلما نظرت إلى هذه الأشياء والتي تمثل الفارق بين المرحلة الثانوية والجامعة، أرى أن الأمر يختلف في بعض الأشياء، التي يمكن إعتبارها أشياء معنوية، لكنها مؤثرة جدا.ً فالجامعة تأتي ومعها طريقة تفكير مختلفة تماماً، حيث يتحول دور الشخص من الدراسة فقط، إلى الدراسة مع العديد من الأنشطة الأخرى. وتزداد المسؤولية على الشخص في التعلم، حتى أنه يقوم بأغلب المحاولات بمفرده، وهو ما يجب عليك أن تفكر به جيداً، فأسلوب التلقين في الثانوية لم يعد موجود في الجامعة، بل في الأغلب يسيطر على عملية التعلم مسألة إعتمادك على ذاتك.

كما أن الجامعة هي بناء لحياتك العملية ومستقبلك الفعلي، وهذا يعني كذلك أنه ينبغي عليك أن تبدأ في صناعة تجاربك الخاصة خلال هذه الفترة، حتى يمكنك إختيار مجال العمل الذي تفضله.

كل هذه الفوارق عليك أن تدركها من البداية، لأنها ببساطة ستؤثر على شخصيتك بشكل كامل، وإما أن يحدث ذلك بصورة إيجابية فتحقق الإستفادة منه، أو تدعها تقودك إلى الشعور بالإحباط.