قل لي كم مرة توجب عليك أن تستيقظ باكراً لكي تذهب إلى الجامعة قبل جميع الأقسام النظرية كلها لكي تحضر جلسات الدروس العملية ذات الساعة الثامنة صباحاً، وإذا تأخرت 5 دقائق فقط عن الموعد ستدخل في دوامة من النقاش السرمدي معدوم الفائدة مع أستاذ المختبر، وصدقاً إذا تناقشت مع أحدهم سيكون الأمر شيقاً أكثر من ذلك بمراحل.
لذلك سنتحدث في هذا المقال عن كيفية التعامل مع تلك الجلسات العملية للإستفادة منها بأكبر قدر ممكن، وأيضاً الحرص على السلامة النفسية لنا جميعاً.
الإستماع السليم
أنت تدخل الجلسة العملية وتجلس على كرسيك، وبعدها أول شيء يجب أن تفعله هو أن تصمت تماما.ً بعدما يبدأ الأستاذ بإلقاء التحية عليك مباشرةً. وبعد ذلك الإنصات هو مفتاح النجاح. فلنفترض أنك الآن في كلية الصيدية على سبيل المثال، والأستاذ الذي أمامك يقوم بعمل تجربة لإستخراج الحامض النووي للفراولة. في النهاية أنت شاهدت الحمض النووي واضحاً بدرجة قوية في أنبوبة الإختبار، لكن هل ركزت جيداً في الخطوات التي كانت نتيجتها ما بداخل تلك الأنبوبة؟ هذا ما يجب أن تسأل نفسك إياه. ببساطة لأنه بعد ظهور تلك النتيجة ستذهبون جميعاً إلى عمل نفس التجربة أيضاً، فبالتالي إذا لم تكن منصتاً جيداً، ستكون معمليّاً فاشلا.ً
أحرص على التفاهم مع شريكك جيداً
عند القيام بأي تجربة في الجلسة العملية، أو حتى القيام بمهمة تكليفية ما أثناء تلك الجلسة، في الغالب لا تقوم بها وحدك، بل يوجد شريك أو عدة شركاء لك فيها. هذا يرجع في العادة إلى قلّة الموارد من جهة، وإلى ترسيخ مبدأ التعاون بين الطلبة الجامعيين من جهة أخرى. لذلك التفاهم مع شريك العمل هام جداً. التفاهم مع شريك العمل يؤدي إلى صناعة تقرير متوازن الأركان وطبعاً الحصول على نتيجة صحيحة للتجربة، وتقسيم العمل على مراحل التجربة بينكم سيختصر عليكم الكثير من الوقت، لو كانت التجربة تستغرف ثلاث ساعات ستأخذ معكم نصف الوقت عند تقاسمكم تحضير المواد الأولية ومراقبة النتائج والعمل على الحسابات الرياضية في النهاية، لكن لو كان جسر التفاهم غير متواجد، فلا سبيل للحصول على نتيجة عملية جيدة.
إنتبه للموجودات من حولك
بالتأكيد حين تذهب للجلسات العملية في الجامعة فلا يكون الموت أو الخروج بعاهة مستديمة خياراً مطروحاً أمامك! لماذا الموت؟ حسناً، هناك عشرات الأشياء المُميتة بداخل الجلسات العملية، خصوصاً الكيميائيّة منها.
إذا كنت طالباً في قسم الكيمياء، فبالتالي أنت مُجبر على التعامل مع الكيميائيّات على الدوام، وللتعامل معها توجد معايير وشروط. لكن في بعض الأحيان يكون وقت الجلسة العملية على المحك وأنت ورفاقك لم تُنجزوا التجربة بعد، لذلك تضربون بتلك المعايير عرض الحائط وتضعون أنفسكم في خطر شديد. فمن الممكن أن يقوم أحدكم بشفط حامض مركز بفمه بدلاً من استعمال الطريقة الآمنة، أو الركض بداخل المعمل يُمنى ويسرى غير عابئ بالقارورات التي يمكن له أن يوقعها ويُصيب نفسه بدرجات من الحروق الشديدة. لذلك إنتبه للموجودات من حولك دائماً.
لا تخجل، ناقش
الأسئلة أمر ضروري جداً في الدروس النظرية لفهم المادة العلمية المطروحة. والأمر ثابت أيضاً في الجلسات العملية. فلا تعتقد أن أستاذ المختبر وقته ضيق جداً لدرجة أنك تُحرج من سؤاله أو مناقشته في شيء ما. مناقشته في التجربة وخطواتها وأصلها يجعلك قادراً على تعديل بعض الأشياء بحنكتك الخاصة للحصول على نتيجة مثالية يمكن أن تفوق التي قام بها هو ذاته. لا تقل سؤالي تافه أو بسيط أو لا يستحق الإجابة عليه، اسأل ولا تخف، فدائماً النقاش يُعطي نتائج أفضل.
لا تلتزم فقط بالذي تدرسه في الجلسة العملية
فنفترض أنك الآن تدرس علم الأحياء، وعلى وجه الخصوص تدرس الـ Histology أو علم الأنسجة. في الجلسات العملية لهذه المادة أنت تتعرف على أنواع الأنسجة كلها وتدرسها بالتفصيل الممل، حيث ترسم خلف الأستاذ وتتمرس على أشكال الخلايا وأوضاعها بجانب بعضها البعض. لكن دائماً ما يوجد مجال للاستزادة، كيف؟ ببساطة لا يجب عليك أن تلتزم بالطريقة التي يرسم بها أستاذ المخبر بالضبط، ولا تعتقد أن النسيج الذي أمامك هو النسيج المثالي. إبحث على الإنترنت أو اسأل أستاذ المادة النظرية ستجد أن هناك حالات حيود كثيرة عن الحالات التي تدرسها، والإلمام بها يجعلك خبيراً أكثر في تخصصك، مما يُعطيك ثقة بنفسك من جهة، ويُكسبك خبرة قوية تفيدك في سوق العمل عند التخرج من جهة أخرى.
لا تعتقد أن المادة النظرية تُغنيك عن الجلسة العملية
الجلسات العملية مبنية على المواد النظرية هذا شيء أساسي، ولكن ماذا عن تلك الأمور والتفاعلات التي قد يصعب تخيلها بالنسبة لك؟..نعم هي ما ستشاهده في الجلسات العملية، بالتالي هناك عشرات الأشياء المشتركة بين الجلسات العملية والمواد النظرية، لكن هل نسبة التشابه كبيرة جداً لدرجة تُغنيك عن الإهتمام بالجلسة العملية؟
على سبيل المثال، في علم البيولوجيا، يوجد علم فرعي يُسمىّ بعلم التصنيفTaxonomy هذا العلم ندرس فيه تصنيف الكائنات الحيّة بناء على الفرع الذي ندرسه، سواء كنا ندرس الحيوان أو النبات. لذلك الجلسة العملية تكون ما هي إلا إعادة تأكيد على المادة النظرية التي تحمل نفس الاسم، لكن هذا ليس كل شيء. توجد في الجلسة العملية العديد من الفنيّات الصغيرة التي تجعلك بيولوجيًّا بحق، والتي لن يستطيع أستاذ المادة النظرية توضيحها لك، فتلك مهمة الجلسة العملية في الأساس.
لا تغب منها أبداً
أجل، إن الجلسات العملية مزعجة جداً في مواعيدها، ودائمًا ما تتضارب مع المحاضرات النظرية وتكون مؤلمة جداً على الصعيد النفسي عندما تتعب ولا تجد تقديراً كافياً من مسؤول الجلسة لمجهوداتك. لكن في النهاية المعلومات التي تُقال فيها هامة جداً ولا يجب أن تتغيب عنها أبداً. التغيّب عنها سيأتي عليك بالسلب فقط، وستجلس في لجنة الإمتحان العملي في النهاية لا تستطيع حلّ أو فهم أي شيء، وتكون قد ضيّعت على نفسك عشرات الدرجات المقترنة بالجزء العملي من المادة، مما يجعلك في مأزق بالنسبة للجزء النظري منها.